اول رائد فضاء في العالم

يعتبر‏9‏ مارس عيدا في التاريخ الروسي‏..‏ ففي هذا اليوم من سنة‏1934‏ ولد الطيار الاسطوري يوري جاجارين‏,‏ الذي عرفه العالم لاحقا بأنه أول من فتح عهدا جديدا في غزو الانسان للفضاء أمام الانسانية جمعاء‏.‏

وقد عرف هذا الإنسان الوسيم بنظرة صادقة وابتسامة رحبة ظلت كنموذج علي التقدم العلمي لعقود من الزمن‏,‏ وبلغ الاعتزاز به حدا أن لقب كولومبس الفضاء وبعد تحليقه المذهل الجريء التاريخي أصبح أبناء روسيا يحلمون ويقولون : أريد أن أصبح رائد فضاء مثل جاجارين.

وينتسب جاجارين إلي أسرة فلاحية عادية من تلك الأسر التي تعيش في منطقة سمولينسك الروسية‏..‏ وقد اضطر جاجارين إلي أن ينقطع عن الدراسة سنتين بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية‏.‏ ونظرا لأحوال روسيا تحول الفتي جاجارين إلي التحول لمدرسة صناعية حيث تخرج فيها في مهنة سباك معادن‏.‏ لكنه واصل الدراسة فتخرج في الكلية الصناعية حيث أصبح خبيرا في سباكة المعادن‏.‏

وفي سنة ‏1954 ‏التحق يوري جاجارين بنادي الطيران الاقليمي‏,‏ ولم تمض سنة حتي قبل في كلية الطيران الحربي التي تسمي تشاكالوف وفيها تخرج حائزا علي أرقي الدرجات‏.‏

وفي سنة ‏1960‏ انضم جاجارين إلي طاقم رواد الفضاء‏,‏ وبعد سنة واحدة أصبح من المرشحين الأوائل لأول تحليق للجنس البشري إلي الفضاء‏..‏ وقد جاء اختياره بعد تصفيات وتجارب واختبارات بدأت باختيار ‏6‏ طيارين من ضمن‏20‏ طيارا ولكنهم أصبحوا في النهاية ‏3‏ طيارين هم‏:‏ يوري جاجارين وجيرمان تيتوف ونيليوبوف‏.‏

ويقال : إن الأمريكيين أرادوا أن ينتقموا من السوفيت لاطلاق السوفيت أول تابع فضائي سموه سبوتينك ـ‏1‏ لهذا كثفوا من عملهم بغية إرسال أول انسان أمريكي إلي الفضاء‏..‏ ورجح الخبراء الأمريكيون أن يكون الرائد الأمريكي آلان شيبرد هو أول من يقوم بعملية اختراق للفضاء في التاريخ وكان مقدرا أن يكون أول تحليق في‏20‏ أبريل‏,‏ كما كان متوقعا أن يقوم بالتحليق لمدة ‏15‏ دقيقة فوق المحيط الأطلسي‏.‏

وكان السوفيت علي علم بهذا الميعاد‏,‏ لهذا قرروا الاسراع بأن ينفذوا تحليقهم قبل الأمريكيين ، وقرر سيرجي كوراليوف بأن السفينة الفضائية فوستوك ـ‏1‏ ستطلق فيما بين‏11‏ ـ‏17‏ أبريل سنة‏1961.‏

ولكن الروس قرروا أول اطلاق للفضاء يوم ‏12‏ أبريل وقد غاب النوم عن عيون الخبراء الروس الذين أعدوا السفينة للانطلاق‏,‏ بينما كان الرواد الروس الثلاثة ينتظرون دورهم وعمن سيأتي عليه الاختيار من بينهم وحتي اللحظة الأخيرة لم يكن معروفا من سيطلق‏,‏ لأن الثلاثة قد مروا بجميع التجارب والتمارين والاختبارات والتدريبات الشاقة وكانوا جميعا مستعدين للتحليق اذا ماظهر أي انتقاص علي الطيار المرشح لكن كان علي الرواد الثلاثة أن يناموا فتحت كل سرير لهم كان هناك من الأجهزة المتطورة التي عليها ان تسجل أي إشارة تمر علي أعصاب أي منهم في مطار بيكانور بقزاقستان‏,‏ وبينما كان الرواد الثلاثة يغطون في النوم كان القلق يستبد بالمصمم والمهندس العام سيرجي كراليوف‏,‏ لأنه كان يعرف أهمية إطلاق كائن حي في هذا التحليق‏,‏ وأثر ذلك علي مستقبل التحليقات التالية وكان هاجسه وتساؤله يكمن في هل سيستمر تطور اكتشاف الفضاء‏.‏ وماهي صورة الاتحاد السوفيتي إذا تعرض التحليق للفشل وهل سينجح مشروع حياته؟‏!!‏

لقد كان كوراليوف يعرف العديد من ملاحظات العلماء الغربيين عن مخاطر حالة انعدام الوزن والأشعة الفضائية والتلوث من الانتشار الاشعاعي ومخاطر الشهب‏,‏ ولكنه كان يثق في تجربته العظيمة وأنها ستكون موفقة‏,‏ فقد كانت هناك تجارب ناجحة علي الحيوانات مما قوي من عزيمة كوراليوف‏,‏ وفي الساعة الخامسة والنصف من صباح ‏12‏ أبريل أيقظ الرائدان جاجارين وتيتوف‏.‏ وبدآ في تجربة بدلة الوقاية ثم تقرر أن يكون التحليق الأول من نصيب يوري جاجارين. لكن تنبه أحد من تابع المشهد أن البزة التي يرتديها جاجارين خالية من اسم بلده فجرت اجراءات سريعة لوضع اسم الاتحاد السوفيتي عليها بالبويه ذات اللون الأحمر وبدأ زملاؤه في وداعه بتقبيله غير أن آخرين انفجروا في البكاء كما لو أنه وداع لإنسان يرونه آخر مرة حيا‏,‏ بينما كان هناك قلائل ممن يتصورون أن جاجارين سيعود مرة أخري إلي الأرض سليما معافي‏,‏ لقد كان وضعا صعبا حول اتخاذ قرار عمن سيرسل إلي مايشبه الموت المحقق‏,‏ وفي نفس الوقت أن يصنعوا منه شخصية مشهورة عالميا .

وقد أجري جاجارين محادثات بين زملائه فسأل زميله : أنظر في الأجهزة فهل تري قلبي يدق؟ وجاءه الرد أنه يدق‏..‏ يدق‏..‏ كل شيء علي مايرام
فقال جاجارين : أرجو أن تضع لي شيئا من الموسيقي ؟ وأي موسيقي تفضل؟ طيب‏..‏ عن الحب‏!!‏

وفي الساعة التاسعة و‏7‏ دقائق أطلقت سفينة الفضاء فوستوك ـ‏1‏ وعلي متنها جاجارين وبعد‏23‏ دقيقة أيقظ المساعدون الرئيس الأمريكي جون كيندي من النوم ليخبروه بأن الروس قد أرسلوا رجلهم إلي الفضاء والمثير أن السوفيت لم يعرفوا أي شيء عن التحليق الاسطوري إلا بعد مرور ‏50 دقيقة عندما أذاع الراديو أن وكالة تاس السوفيتية تزف للعالم تقريرها عن أول سوفيتي قد حلق إلي الفضاء الخارجي‏.‏

وسمع الروس حديث جاجارين ومنه وصفه لمشاهدة الأرض من الفضاء واعجابه الباهر بها قائلا: أي جمال أشاهد‏!!‏ ويهبط جاجارين في بقعة تبعد عدة كيلومترات عما هو مقرر لهبوطه‏,‏ ويفاجأ جاجارين بامرأة روسية ومعها ابنتها ينزعجان لمشاهدته فبادرهما قائلا : انني سوفيتي لاتخافا إنني المواطن السوفيتي الذي عاد لتوه من الفضاء وكان ذلك بعد أن قضي جاجارين ساعة و ‏48 دقيقة في الدوران حول الكرة الأرضية‏.‏

ويشتهر جاجارين في العالم كله وتتقاطر عليه الدعوات ,‏ اما رحيله المبكر في ‏27‏ مارس سنة ‏1968‏ فقد شكل علامة حزن لجميع السوفيت إذ سقطت طائرته ذات المقعدين مع زميل له هو الطيار المجرب سيريوجين ولم يتمكن الباحثون عنه من التعرف علي بقاياه إلا من شامة وخصلة شعر ومحفظته وقشفة من فروة رأسه‏.‏

وقد مضت السنون فلم تتزوج زوجته فالنتينا بعد رحيله وكرست حياتها لإحياء ذكراه وشبت ابنتاه جالينا ويلينا ، وتقوم جالينا حاليا بالتدريس في أكاديمية الاقتصاد‏,‏ بينما تخصصت أختها يلينا في التاريخ وعلوم الشرق وقد عين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلينا في منصب مهم هو مديرة في متحف الكرملين‏,‏ بينما يشبه يوري الحفيد جده رائد الفضاء الأول يوري جاجارين‏.‏

لقد عاش جاجارين حياة مذهلة وتمكن من التسلل لي الوعي الانساني‏,‏ موضحا أن في إمكان الانسان ان يطير ويغزو الفضاء ويرحل شابا وجميلا وتبقي ذكراه مثالا ورمزا علي الجسارة والشجاعة إلي الأبد‏.‏

تحياتي

مشكوور على الموضوع

شكرا ياأخي العزيز على هل معلومة

مشكووووور أخوي على المعلومه

مشكوور

مشكوور ع المعلومه